لا يتفق علماء اللغة على عدد محدد للغات التي تتكلمها الشعوب التي تقطن الأرض في الوقت الحاضر. وتقول بعض المراجع إن عدد اللغات هو ما بين أربعة آلاف وخمسة آلاف. ولكن تشير بعض التقديرات إلى أن العدد الحقيقي يتراوح ما بين ثلاثة آلاف وعشرة آلاف لغة.
من الأسباب التي تحول دون التوصل إلى تحديد عدد لغات العالم أننا حتى يومنا الحاضر لانزال نكتشف شعوبا جديدة ولغات جديدة في مناطق مختلفة من العالم، وخاصة في حوض نهر الأمازون ووسط أفريقيا وغينينا الجديدة. ومع ذلك فمن غير المتوقع اكتشاف لغات كثيرة بهذه الطريقة. والعادة هي أننا نعرف الشعوب في مناطق معينة في حين أننا لا نعرف اللغات التي تتكلمها هذه الشعوب. والحقيقة هي انه في دول كثيرة لم يكتمل المسح اللغوي وفي بعض الدول لم يجر مسح لغوي على الإطلاق. وغالبا ما يفترض ان شعبا من شعوب منطقة من المناطق يتكلم لغة معينة، ولكن عند البحث نجد ان هذا الشعب يتكلم لهجات من لغة واحدة. ولكن هذه اللهجات من الاختلاف بحيث يمكن اعتبار كل واحدة منها لغة بحد ذاتها.
ولكن هناك عوامل تحد من عدد اللغات. فمن اجل أن تكون لغة معينة لغة حية فلا بد أن يكون هناك عدد من الأشخاص يتكلمونها كلغة أولى. ولكن في كثير من بقاع العالم ليس من السهل التعرف على ما إذا كان الناطقون بلغة من اللغات لايزالون على قيد الحياة، وإذا كانوا على قيد الحياة ما إذا كانوا يستعملون لغتهم في اتصالهم اليومي.
وسرعة انقراض لغة تنطق بها جماعة صغيرة قد تكون مثارا لكثير من الدهشة. وقد أدت الاكتشافات التي تمت في حوض الأمازون إلى اكتشاف بلغات كثيرة جدا. ولكن هذه الاكتشافات نفسها أدت إلى انقراض عدد كبير من اللغات بسبب ابتلاع الثقافة الغربية للثقافة الهندية. وفي جيل واحد يمكن أن تندثر لغة اندثارا كاملا. يضاف الى ذلك ان التحولات السياسية تحدث انقسامات في قبيلة من القبائل أو ترغم أفراد القبيلة إلى الرحيل. كما ان الأوضاع الاقتصادية تضطر أفراد القبيلة الواحدة إلى الرحيل طلبا للقمة العيش. وكذلك انتشار الأوبئة والأمراض قد يسهم في اندثار لغة من اللغات. ويعرف ان انتشار الأنفلونزا في إحدى القرى الواقعة على نهر كليون في فنزويلا أدى إلى خفض الناطقين بلغة "تروماي" إلى اقل من عشرة أشخاص. وفي القرن التاسع عشر كان يعتقد ان اللغات الهندية في البرازيل تزيد على ألف لغة. أما اليوم فهذه اللغات لا تزيد على مئتين.
في معظم اللغات ليس هناك فرق كبير بين اللغة الواحدة واللهجات المتفرعة عنها. فإذا اخذنا اللغة الإنكليزية مثلا فاننا نجد منها لهجات أمريكية وكندية واسترالية وهندية ونيوزيلندية. وفي كل لهجة من هذه اللهجات مفردات مختلفة وفروق محلية في طريقة اللفظ قد تجعل التفاهم صعبا في بعض الأحوال. ولكن بالرغم من وجود هذه اللهجات لا نجد من يشكك في وجود وحدة لغوية اساسية في جميع هذه اللهجات المتفرعة عن اللغة الإنكليزية. وهذه الوحدة يؤكدها وجود لغة إنكليزية قياسية في الكتابة ووجود تراث ادبي مشترك. ولكن ليس الأمر كذلك في كثير من اللغات الأخرى.
هناك عاملان من عوامل الخلاف في تحديد اللغة ولهجاتها هما الهوية القومية وامكانية التفاهم بين الناطقين بهذه اللهجات. وقد يكون من الممكن التفاهم بين الناطقين بلهجتين مختلفتين ولكن لاسباب سياسية او تاريخية يشار الى كل لهجة من اللهجتين بانها لغة قائمة بذاتها. يستطيع السويديون والدانماركيون والنورويجيون فهم لهجات بعضهم بعضا الى حد يزداد او ينقص، ولكننا اذا طبقنا مقاييس غير لغوية فان علينا ان نعترف بوجود خمس لغات على الاقل. فاذا كنت نورويجيا فانت تتكلم النورويجية، واذا كنت سويديا فانت تتكلم السويدية، واذا كنت دانماركيا فانت تتكلم الدانماركية، وهكذا. وفي حالات كهذه تندمج الهوية السياسية بالهوية اللغوية. وهناك لغات كثيرة تتدخل العوامل السياسية والدينية والعرقية فتحدث انقسامات فيها في حين انه ليس هناك فروق لغوية. مثال ذلك الهندية والاوردية، والبنغالية والآسامية، والصربية والكرواتية.
والحالة المعاكسة حالة شائعة ايضا. فقد نجد حالات من المتعذر فيها التفاهم بين الناطقين بلهجات معينة، ولكن لاسباب سياسية او تاريخية او ثقافية تعتبر هذه اللهجات لغة واحدة. نأخذ مثالا على ذلك اللغة الصينية. فمن وجهة نظر اللغة المنطوقة يمكن تصنيف مئات من اللهجات في الصين في ثماني مجموعات رئيسية الناطقون باحداها لا يفهمون اللهجات الاخرى. ولكن هذه اللهجات جميعا تشترك بتقليد لغوي مكتوب واحد. واولئك الذين يتعلمون نظام الحروف الصينية قادرون على التفاهم به فيما بينهم. وبالرغم من الفروق اللغوية تعتبر اللغة الصينية لغة واحدة.
ولكن الانكليزية والصينية – في المثالين السابقين – لغتان رئيسيتان: كثرت دراستهما، كما ان عدد الناطقين بهما عدد كبير. ولكن هناك لغات لا ينطق بها الا اعداد صغيرة مما يجعل العوامل ذات العلاقة بها صعبة التفسير على اللغويين. فمثلا عندما تكون لغتان قريبتين الواحدة من الاخرى جغرافيا، تستعير الواحدة من الاخرى كلمات وتستعير اصواتا وقواعد نحوية. ولذلك تبدو وجوه الشبه بين اللغتين لاول وهلة اكبر من وجوه الاختلاف، وربما يفترض المحللون ان اللغتين هما مجرد لهجتين للغة واحدة. لقد اوجد ذلك مشكلة حقيقية في مناطق عديدة من العالم كما في امركيا الجنوبية وافريقيا وجنوب شرق اسيا. وفي هذه المناطق تأثرت مجموعات لغوية باكملها بهذه الطريقة. وهذا كله من العوامل التي تتدخل في تحديد عدد لغات العالم.
ومن المشكلات الكبيرة التي تواجه المحللين في اللغات الاقل انتشارا هي مدى الاهمية التي يجب ان تعطى لاسم اللغة. وهذا الموضوع لا يثار في اللغات الرئيسية المالية التي يعطى لكل منها اسم واحد يميزها تمييزا واضحا عن اللغات الاخرى كالهولندية والالمانية والعربية والروسية. ولكن في معظم الحالات ليس الامر بهذا السهولة.
هناك قبائل كثيرة لا تعطي لغتها اسما، فهي تعرف لغتها بكلمة "لغتنا" او "شعبنا" وهذا هو الوضع غالبا في أفريقيا حيث يطلق اسم "بانتو" – وهي كلمة تعني الشعب – على عائلة كاملة من اللغات. وكذلك الأمر في امريكا الجنوبية حيث نجد أسماء تطلق على لغات مثل "كاريب" وتعني "الشعب"، و"تابويا" وتعني "العدو"، و"ماكو" وتعني "قبائل الأحراش". وغالبا ما يطلق على لغة من اللغات اسم النهر الذي تعيش على ضفافه القبيلة الناطقة باللغة. مثال ذلك "لاند داياك" في غرب اندونيسيا. وفي استراليا يطلق على تسع لغات اسم يعني "هذه". فاذا سألت ناطقا بإحدى هذه اللغات عن اللغة التي ينطق بها كان جوابه "هذه"!
من الناحية الأخرى من الشائع ان يطلق على لغة من اللغات عدة أسماء. فقد يكون مثلا لقبيلة هندية في أمريكا الجنوبية عدة أسماء. تسمى إحدى القبائل نفسها باسم معين. ولكن القبائل المجاورة لها قد تطلق عليها أسماء مختلفة. وربما أطلق المكتشفون الأسبان أو البرتغال على القبيلة اسما ثالثا قد يصفون به المظهر الخارجي لأفراد القبيلة. فكلمة "كورادو" في البرتغالية تعني "من يلبس التاج". وربما أطلق علماء الانثروبولوجيا على القبيلة اسما رابعا بناء على الموقع الجغرافي لها. مثال ذلك "عند منبع النهر" او "عند مصب النهر". وأخيرا قد يكتب اسم اللغة على نحو مختلف في الإنكليزية والأسبانية والبرتغالية.
هناك كذلك مشكلات أخرى في تحديد عدد لغات العالم. فاديانا يطلق الاسم الواحد على لغتين مختلفتين. فكلمة "ماكسيكانو" في المكسيك تطلق على اللغة الأسبانية وعلى اللغة الهندية الرئيسية في المناطق المعروفة باسم "ناهواتل". وأحيانا قد يختلف الناطقون بلغة من اللغات في انتساب لغتهم إلى لغة أخرى. فالناطقون بلغة "لوري" في جنوب غربي إيران يقولون إن لغتهم لهجة من لهجات اللغة الفارسية. ولكن الناطقين بالفارسية لا يوافقون على ذلك. وعلى هذا تتعذر الاستفادة من الناطقين باللغة في تحديد هوية لغتهم لان إجاباتهم تتلون باعتبارات غير لغوية كالاعتبارات الدينية والقومية والاقتصادية والاجتماعية.
وإذا أخذنا هذه العوامل جميعا فإننا لن نتوصل إلى إجابة واحدة للسؤال التي بدأنا به حديثنا: كم عدد لغات العالم؟ ففي بعض مناطق في العالم هناك ميل للمغالاة في عدد اللغات إذ يعتمد المحللون على المعنى الحرفي لاسم اللغة، ولا يربطون ما بين اللهجات القريبة من بعضها بعضا. وفي مناطق أخرى هناك ميل إلى التقليل المتعمد من عدد اللغات. في كتاب "تصنيف لغات العالم" الصادرة عام 1977 نجد عشرين ألف لغة ولهجة. وصنفت هذه اللغات واللهجات بحيث تشكل أربعة آلاف وخمسمئة لغة. ولا شك انه منذ نشر الكتاب انخفض عدد اللغات. ولكن من غير المحتمل أن يصل العدد الإجمالي إلى
من الأسباب التي تحول دون التوصل إلى تحديد عدد لغات العالم أننا حتى يومنا الحاضر لانزال نكتشف شعوبا جديدة ولغات جديدة في مناطق مختلفة من العالم، وخاصة في حوض نهر الأمازون ووسط أفريقيا وغينينا الجديدة. ومع ذلك فمن غير المتوقع اكتشاف لغات كثيرة بهذه الطريقة. والعادة هي أننا نعرف الشعوب في مناطق معينة في حين أننا لا نعرف اللغات التي تتكلمها هذه الشعوب. والحقيقة هي انه في دول كثيرة لم يكتمل المسح اللغوي وفي بعض الدول لم يجر مسح لغوي على الإطلاق. وغالبا ما يفترض ان شعبا من شعوب منطقة من المناطق يتكلم لغة معينة، ولكن عند البحث نجد ان هذا الشعب يتكلم لهجات من لغة واحدة. ولكن هذه اللهجات من الاختلاف بحيث يمكن اعتبار كل واحدة منها لغة بحد ذاتها.
ولكن هناك عوامل تحد من عدد اللغات. فمن اجل أن تكون لغة معينة لغة حية فلا بد أن يكون هناك عدد من الأشخاص يتكلمونها كلغة أولى. ولكن في كثير من بقاع العالم ليس من السهل التعرف على ما إذا كان الناطقون بلغة من اللغات لايزالون على قيد الحياة، وإذا كانوا على قيد الحياة ما إذا كانوا يستعملون لغتهم في اتصالهم اليومي.
وسرعة انقراض لغة تنطق بها جماعة صغيرة قد تكون مثارا لكثير من الدهشة. وقد أدت الاكتشافات التي تمت في حوض الأمازون إلى اكتشاف بلغات كثيرة جدا. ولكن هذه الاكتشافات نفسها أدت إلى انقراض عدد كبير من اللغات بسبب ابتلاع الثقافة الغربية للثقافة الهندية. وفي جيل واحد يمكن أن تندثر لغة اندثارا كاملا. يضاف الى ذلك ان التحولات السياسية تحدث انقسامات في قبيلة من القبائل أو ترغم أفراد القبيلة إلى الرحيل. كما ان الأوضاع الاقتصادية تضطر أفراد القبيلة الواحدة إلى الرحيل طلبا للقمة العيش. وكذلك انتشار الأوبئة والأمراض قد يسهم في اندثار لغة من اللغات. ويعرف ان انتشار الأنفلونزا في إحدى القرى الواقعة على نهر كليون في فنزويلا أدى إلى خفض الناطقين بلغة "تروماي" إلى اقل من عشرة أشخاص. وفي القرن التاسع عشر كان يعتقد ان اللغات الهندية في البرازيل تزيد على ألف لغة. أما اليوم فهذه اللغات لا تزيد على مئتين.
في معظم اللغات ليس هناك فرق كبير بين اللغة الواحدة واللهجات المتفرعة عنها. فإذا اخذنا اللغة الإنكليزية مثلا فاننا نجد منها لهجات أمريكية وكندية واسترالية وهندية ونيوزيلندية. وفي كل لهجة من هذه اللهجات مفردات مختلفة وفروق محلية في طريقة اللفظ قد تجعل التفاهم صعبا في بعض الأحوال. ولكن بالرغم من وجود هذه اللهجات لا نجد من يشكك في وجود وحدة لغوية اساسية في جميع هذه اللهجات المتفرعة عن اللغة الإنكليزية. وهذه الوحدة يؤكدها وجود لغة إنكليزية قياسية في الكتابة ووجود تراث ادبي مشترك. ولكن ليس الأمر كذلك في كثير من اللغات الأخرى.
هناك عاملان من عوامل الخلاف في تحديد اللغة ولهجاتها هما الهوية القومية وامكانية التفاهم بين الناطقين بهذه اللهجات. وقد يكون من الممكن التفاهم بين الناطقين بلهجتين مختلفتين ولكن لاسباب سياسية او تاريخية يشار الى كل لهجة من اللهجتين بانها لغة قائمة بذاتها. يستطيع السويديون والدانماركيون والنورويجيون فهم لهجات بعضهم بعضا الى حد يزداد او ينقص، ولكننا اذا طبقنا مقاييس غير لغوية فان علينا ان نعترف بوجود خمس لغات على الاقل. فاذا كنت نورويجيا فانت تتكلم النورويجية، واذا كنت سويديا فانت تتكلم السويدية، واذا كنت دانماركيا فانت تتكلم الدانماركية، وهكذا. وفي حالات كهذه تندمج الهوية السياسية بالهوية اللغوية. وهناك لغات كثيرة تتدخل العوامل السياسية والدينية والعرقية فتحدث انقسامات فيها في حين انه ليس هناك فروق لغوية. مثال ذلك الهندية والاوردية، والبنغالية والآسامية، والصربية والكرواتية.
والحالة المعاكسة حالة شائعة ايضا. فقد نجد حالات من المتعذر فيها التفاهم بين الناطقين بلهجات معينة، ولكن لاسباب سياسية او تاريخية او ثقافية تعتبر هذه اللهجات لغة واحدة. نأخذ مثالا على ذلك اللغة الصينية. فمن وجهة نظر اللغة المنطوقة يمكن تصنيف مئات من اللهجات في الصين في ثماني مجموعات رئيسية الناطقون باحداها لا يفهمون اللهجات الاخرى. ولكن هذه اللهجات جميعا تشترك بتقليد لغوي مكتوب واحد. واولئك الذين يتعلمون نظام الحروف الصينية قادرون على التفاهم به فيما بينهم. وبالرغم من الفروق اللغوية تعتبر اللغة الصينية لغة واحدة.
ولكن الانكليزية والصينية – في المثالين السابقين – لغتان رئيسيتان: كثرت دراستهما، كما ان عدد الناطقين بهما عدد كبير. ولكن هناك لغات لا ينطق بها الا اعداد صغيرة مما يجعل العوامل ذات العلاقة بها صعبة التفسير على اللغويين. فمثلا عندما تكون لغتان قريبتين الواحدة من الاخرى جغرافيا، تستعير الواحدة من الاخرى كلمات وتستعير اصواتا وقواعد نحوية. ولذلك تبدو وجوه الشبه بين اللغتين لاول وهلة اكبر من وجوه الاختلاف، وربما يفترض المحللون ان اللغتين هما مجرد لهجتين للغة واحدة. لقد اوجد ذلك مشكلة حقيقية في مناطق عديدة من العالم كما في امركيا الجنوبية وافريقيا وجنوب شرق اسيا. وفي هذه المناطق تأثرت مجموعات لغوية باكملها بهذه الطريقة. وهذا كله من العوامل التي تتدخل في تحديد عدد لغات العالم.
ومن المشكلات الكبيرة التي تواجه المحللين في اللغات الاقل انتشارا هي مدى الاهمية التي يجب ان تعطى لاسم اللغة. وهذا الموضوع لا يثار في اللغات الرئيسية المالية التي يعطى لكل منها اسم واحد يميزها تمييزا واضحا عن اللغات الاخرى كالهولندية والالمانية والعربية والروسية. ولكن في معظم الحالات ليس الامر بهذا السهولة.
هناك قبائل كثيرة لا تعطي لغتها اسما، فهي تعرف لغتها بكلمة "لغتنا" او "شعبنا" وهذا هو الوضع غالبا في أفريقيا حيث يطلق اسم "بانتو" – وهي كلمة تعني الشعب – على عائلة كاملة من اللغات. وكذلك الأمر في امريكا الجنوبية حيث نجد أسماء تطلق على لغات مثل "كاريب" وتعني "الشعب"، و"تابويا" وتعني "العدو"، و"ماكو" وتعني "قبائل الأحراش". وغالبا ما يطلق على لغة من اللغات اسم النهر الذي تعيش على ضفافه القبيلة الناطقة باللغة. مثال ذلك "لاند داياك" في غرب اندونيسيا. وفي استراليا يطلق على تسع لغات اسم يعني "هذه". فاذا سألت ناطقا بإحدى هذه اللغات عن اللغة التي ينطق بها كان جوابه "هذه"!
من الناحية الأخرى من الشائع ان يطلق على لغة من اللغات عدة أسماء. فقد يكون مثلا لقبيلة هندية في أمريكا الجنوبية عدة أسماء. تسمى إحدى القبائل نفسها باسم معين. ولكن القبائل المجاورة لها قد تطلق عليها أسماء مختلفة. وربما أطلق المكتشفون الأسبان أو البرتغال على القبيلة اسما ثالثا قد يصفون به المظهر الخارجي لأفراد القبيلة. فكلمة "كورادو" في البرتغالية تعني "من يلبس التاج". وربما أطلق علماء الانثروبولوجيا على القبيلة اسما رابعا بناء على الموقع الجغرافي لها. مثال ذلك "عند منبع النهر" او "عند مصب النهر". وأخيرا قد يكتب اسم اللغة على نحو مختلف في الإنكليزية والأسبانية والبرتغالية.
هناك كذلك مشكلات أخرى في تحديد عدد لغات العالم. فاديانا يطلق الاسم الواحد على لغتين مختلفتين. فكلمة "ماكسيكانو" في المكسيك تطلق على اللغة الأسبانية وعلى اللغة الهندية الرئيسية في المناطق المعروفة باسم "ناهواتل". وأحيانا قد يختلف الناطقون بلغة من اللغات في انتساب لغتهم إلى لغة أخرى. فالناطقون بلغة "لوري" في جنوب غربي إيران يقولون إن لغتهم لهجة من لهجات اللغة الفارسية. ولكن الناطقين بالفارسية لا يوافقون على ذلك. وعلى هذا تتعذر الاستفادة من الناطقين باللغة في تحديد هوية لغتهم لان إجاباتهم تتلون باعتبارات غير لغوية كالاعتبارات الدينية والقومية والاقتصادية والاجتماعية.
وإذا أخذنا هذه العوامل جميعا فإننا لن نتوصل إلى إجابة واحدة للسؤال التي بدأنا به حديثنا: كم عدد لغات العالم؟ ففي بعض مناطق في العالم هناك ميل للمغالاة في عدد اللغات إذ يعتمد المحللون على المعنى الحرفي لاسم اللغة، ولا يربطون ما بين اللهجات القريبة من بعضها بعضا. وفي مناطق أخرى هناك ميل إلى التقليل المتعمد من عدد اللغات. في كتاب "تصنيف لغات العالم" الصادرة عام 1977 نجد عشرين ألف لغة ولهجة. وصنفت هذه اللغات واللهجات بحيث تشكل أربعة آلاف وخمسمئة لغة. ولا شك انه منذ نشر الكتاب انخفض عدد اللغات. ولكن من غير المحتمل أن يصل العدد الإجمالي إلى